جمال شرفي: المسجد الأعظم أكبر خديعة تعرض لها الرئيس !
يكشف العضو السابق في مجلس إدارة مشروع مسجد الجزائر الأعظم والخبير الدولي، جمال شرفي، في الجزء الأول من حواره مع “سبق برس” خبايا مشروع إنجاز ثالث أكبر مسجد في العالم، والذي اعتبره “أكبر خديعة” تعرض لها الرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.
بداية، كيف يمكنكم تقديم مشروع مسجد الجزائر الأعظم وأنتم المطلعون على تفاصيله الدقيقة ؟
باختصار نحن نتكلم على ثالث أكبر مسجد بعد الحرمين الشريفين على مساحة 29 هكتار، يضم منشآت تحطم أرقام قياسية عالمية، يضم أعلى منارة في العالم بارتفاع 265 متر وأعلى قبة في العالم “القبة المزدوجة”. بالإضافة إلى قاعة الصلاة ومركز البحوث والمكتبة العملاقة والمتاحف المرفقة، والساحة الخارجية التي تضم البحيرة الاصطناعية والحديقة الإسلامية وغيرها من المرافق.
هذا من الجانب المعماري فقط أما من الجانب الديني والثقافي للمشروع، فالجزائر تسعى من خلاله لأن تصبح مركزا إشعاعيا ومنارة للمذهب المالكي المعتدل تكوينيا وأكاديميا وبحثيا، وأن تجد لنفسها معلما دينيا على غرار الأزهر في مصر والزيتونة في تونس. زيادة على البعد التاريخي فكما هو معروف كانت فرنسا الاستعمارية تسعى لبناء أكبر كنيسة في ذات الموقع الذي كان يطلق عليه اسم “القديس لافيجري” وتم تحويل اسمه إلى المحمدية تيمنا باسم الرسول عليه الصلاة والسلام، ويأتي هذا المشروع لرد على مشروع المستعمر.
سنة 2014 قرر الرئيس سحب الملف المسجد من وزارة الشؤون الدينية وإسناده إلى وزارة السكن، على ماذا وقفتم تحديدا كعضو في لجنة التحيين ؟
الكارثة !، بأتم معنى الكلمة وقتها قلت لوزير السكن والعمران عبد المجيد تبون بأننا خدعنا وتعرضنا لعملية نصب واحتيال ولابد من إخطار الجهات العليا، الوزير الأوّل ورئيس الجمهورية.
كيف ذلك ؟
الخطأ في مشروع بهذا الحجم بمليون خطأ، وللأسف الخطأ الأكبر وقع في الانطلاقة، بإسناده إلى غير أهله، فوزارة الشؤون الدينية والأوقاف لا تمتلك إطارات ذات كفاءة عالية في التقنية، والمشروع بحاجة إلى خبرة تقنية كبيرة، ما جعلها تقع في أخطاء كارثية لازلنا ندفع ثمنها لغاية اليوم. فأثناء عملية التحيين اكتشفنا بأن مركز الدراسة الألماني الذي غادر الورشة في وقت لاحق، لم يكن يمتلك لا إمكانيات وقدرات بحجم المشروع، وطرحنا وقتها السؤال كيف تم اختيار متعامل ضعيف مقارنة بحجم المسجد؟.
اكتشفنا أيضا من بين الأخطاء التي ارتكبها مكتب الدراسة الألماني ولم تنتبه لها إدارة المشروع السابقة أن الدراسة تم تناولها مع أكثر من مكتب دراسات ثانوي عن طريق المناولة الثانوية، وهو الأمر الذي يمنعه القانون. اكتشفنا أن المكتب أخذ كل الدراسة والمخالصة المالية الخيالية، ولم يكمل دوره ولا حتى الدراسة.
هل تعني بأن مكتب الدراسات الألماني احتال على الجزائر ؟
أخطر ما اكتشفناه هو أن الدراسة التي قدمها المكتب الألماني، لم تضم أي جانب يتعلق بالديكور الداخلي والشق الجمالي للمسجد، صدمنا أمام حقيقة أننا سنستلم مستودع.
وكان الأمر صعب جدا، أن تخبر رئيس الجمهورية بأننا خدنا وتم الاحتيال علينا، ومكتب الدراسات الألماني أخذ الأموال وذهب دون أن يكمل كل الدراسة.
ما تطلب التعاقد مع مكتب دراسات آخر، ووقع الاختيار على المكتب الفرنسي في ظروف تبقى غامضة، وأنا لم أحبذه.
لماذا ؟
رفضت مكتب الدراسات الفرنسي “إجيس” لأنه ليس معتمدا في الجزائر، وخرق القانون الجزائري، وكان يأخذ مشاريع رغم عدم امتلاكه للاعتماد. وحتى في عملية تعيين هذا المكتب تم خداع الرئيس.
في ماذا تم خداع الرئيس أيضا ؟
عمق الإشكال الذي وقع في الفترة الماضية هو انتهاج تبون لسياسة الكذب على الرئيس، والتي وصلت حد تقديمه لنسب انجاز وصلت 95 بالمائة !، وهو الأمر الذي لم أتقبله وقدمت استقالتي بسببه سنة 2016.
الوزير تبون جعل تسيير المسجد يتم فقط من طرف ديوانه وبالتالي يتحكم هو في المعلومة ويقدمها للرئيس كما أراد، ولذلك استطاع تضخيم نسب التقدم إلى نسب خيالية لا تتطابق مع الواقع.
وأكبر أكذوبة على الرئيس، ما تعلق بسجادة قاعة الصلاة التي وصلت من منذ 3 سنوات، وهي هدية من الحكومة الإيرانية وصلت حسب نسب الأشغال التي كان يتم الإعلان عنها، حيث تم التكتم على الأمر وإخفاؤه على الرئيس، والسجادة التي تعتبر من أجود السجاد الفارسي مساحتها 2هكتار وتقدر قيمتها بـ 60 مليون، موجودة الآن داخل حاويات في مركز الوقف ببئر خادم، ولا يعلم حالها بعد توقف تكييف الحاويات التي جاءت فيها، ويرجح أن تكون قد أتلفت !.
إضافة إلى ما ذكرناه سابقا بخصوص مكتب الدراسة الألماني وحتى المقاولة الصينية.
ماذا بخصوص المقاولة الصينية ؟
حتى المقاولة الصينية المكلف بانجاز المشروع، احتالت علينا، ومن بين بنود العقد أن تخصص 3 آلاف عامل للمسجد لوحده، لكن في البداية عدد العمال لم يكن يتعدى 600 عامل، حيث كانت تستقدم العمال باسم المسجد بعدها تحولهم لمشاريع أخرى. وما جعلها تتغول أنها تسلمت نصف المشاريع التي أطلقت في الجزائر في السنوات الأخيرة دراسة وانجازا، فأصحبت تركز اهتمامها بمشاريع ذات دخل عالي، مثل المطار الدولي والماريوت والشيراطون والميناء الجديد، وأهملت مشروع المسجد.
بالعودة إلى الميدان كيف تقيمون تقدم المشروع، وماذا بقي من أشغال لم تنجز بعد؟
لا ننكر التقدم المسجل في الأشغال الكبرى لكن المسجد ليس أشغالا كبرى وفقط، فتشييد المساجد يأخذ الديكور الداخلي من 60 إلى 80 بالمائة من مدة الإنجاز الكلية، لما فيه من عمل كبير يخص المنمنمات وزخرفت الآيات وهندسة الصوت والتكييف المركزي، والتهوية والإنارة الداخلية والخارجية. فلو نأخذ رائعة مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، فقد تم الانتهاء من الأشغال الكبرى في ظرف 26 أشهر بينما استغرقت أشغال الديكور الداخلي 3 سنوات كاملة.
ومن الأشغال التي لم تنطلق بعد محطة التزويد بالطاقة عالية التوتر التي سيتم بناؤها في جهة منتزه “الصابلات”، ومحطة لتصفية المياه المستعملة الخاصة بالمسجد ويجب أن يتم الانطلاقة فيهما في أسرع وقت ممكن.
ومن المنشآت المهمة كذلك الجسر الذي سيربط المسجد بالواجهة البحرية، حيث سيكون امتداد إلى ساحة المسجد ويمر فوق الطريق السريع.
إضافة إلى الأشغال الخاصة بالساحة، والحديقة والتهيئة الداخلية.
في ضوء كل ما ذكرتم، متى سيستلم المشروع في تقديركم ؟
بناءا على كل ما جاء في حوارنا، فإنه في حالة استمرار الأشغال بهذا النسق مع عدم تسجيل أي توقف في الورشات أو أي أخطاء أخرى من شأنها التأثير على المشروع، فإن الاستلام الكامل للمشروع بكل أجزائه لن يكون قبل نهاية سنة 2020، بشرط عدم الكذب لإرضاء الرئيس، والتريث والقيام بدراسة دقيقة وتقديم جدول آجال جديد للتسليم يكون حقيقي، لان الاستعجالية غير مفيدة في مثل هذه المشاريع.
Source: https://www.sabqpress.net/?p=36132
Tags:
News